رابطة المؤرخين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى يتضمن جميع أخبار و فعاليات رابطة المؤرخين، و يتضمن النقاشات و الحوارات المختلفة في مجال علم التاريخ


2 مشترك

    الجاحظ عمرو بن بحر

    علي السلاطنة
    علي السلاطنة


    ذكر
    عدد الرسائل : 38
    العمر : 37
    الموقع : نعيم / المنامة
    العمل/الترفيه : طالب تاريخ
    المزاج : متشائم
    تاريخ التسجيل : 14/02/2009

    الجاحظ عمرو بن بحر Empty الجاحظ عمرو بن بحر

    مُساهمة من طرف علي السلاطنة السبت فبراير 21, 2009 4:52 pm

    السلام عليكم
    هذا هو أو تقرير أنجزته في جامعة البحرين
    و قدمته لمقرر عربي 110 للدكتور عبد الحميد المحادين
    أتمنى أن يعجبكم



    إلى القارئ :ـ

    جُعِلتُ فداك. إنَّما أُخرجُك من شيءٍ إلى شيءٍ, وأُورِدُ عليك البابَ بعد الباب, لأنَّ من شأْن الناس مَلالةَ الكثير, واستثقالَ الطَّويل وإنْ كُثرَتْ محاسنُه وجَمَّت فوائده. وإنَّما أردتُ أن يكون استطرافك للآتي قبلَ أن ينقضِي استطرافُكَ للماضي; ولأنَّك متى كنت للشيء متوقِّعاً, وله منتظراً, كان أحظى لما يَرِدُ عليك, وأشْهى لما يُهدى إليك. وكلُّ منتظَرٍ معظَّم, وكلُّ مأمولٍ مكرّم .
    كلَّ ذلك رغبةً في الفائدة, وصبابةً بالعلم, وكَلَفاً بالاقتباس, وشُحًّا على نصيبي منك, وضَنًّا بما أؤمِّلُه عندك, ومداراةً لطِباعِك, واستزادةً من نشاطك. ولأنّك على كلِّ حالٍ بَشَر, ولأنّك مُتناهي القوّة مدبّر. ( 1 )


    الجاحظ


    مقدمة :ـ

    لا يمكننا ان نتكلم عن أديب و عالم و فقيه و فيلسوف مثل الجاحظ في بضع صفحات , و ما هذا العمل إلا محاولة لتسليط الضوء على شيء من حياة و أدب الجاحظ . سنتعرض في أول الفصول إلى حياة الجاحظ عبر ترجمة مختصرة له , و في الثاني ستتبين لنا سعة ثقافته و مكانته الأدبية , و سنختم البحث بالحديث عن أحد كتبه الشهيرة , و هو كتاب البخلاء لكي تكون لنا نظرة عامة و شاملة و مبسطة عن أحد عظماء الأدب العرب و المسلمين
    .


    من هو الجاحظ ؟؟


    أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني البصري، أعظم ناثري العصر العباسي وأكثر بلغائه تصنيفاً وكتابةً وأثراً. جمع بين علوم الأوائل والأواخر, وأتقن رواية أهل النقل ودراية أهل العقل, وانحاز في كتابته إلى العقل الذي رآه حجة الله على خلقه, وسبيلهم إلى صنع حياتهم بإرادتهم الحرة, فمضى في طريق علماء الكلام الذين وُصفوا بأنهم فرسان العقل, وأن ما يحسنونه من علوم الدين في وزن ما يحسنونه من معارف الفلسفة, واختط لنفسه سبيلاً بينهم, مجتهداً لا متّبعاً, فتميز بآراءٍ نُسبت إليه, وجماعة تحلّقت حوله تحت مسمى (الجاحظيّة).

    وكانت كتابته الإبداعية الوجه الآخر من كتابته الفكرية, إعلاءً من شأن العقل الذي يبتدع لغاته الكاشفة عن وعوده, واحتفاء بالجذور العربية الأصيلة المنفتحة على كل جديدٍ يضيف إليها بالقدر الذي تضيف إليه, وتأكيدا للمعنى الإنساني الذي فتح أفق الهوّية على علوم وفنون المعمورة البشرية بأسرها دون تعصب أو تحيز, ومن غير اتباع أو تقليد, طلباً للحكمة التي هي ـ كالمعرفة والفن ـ ضالة المؤمن. وكان ذلك تجسيداً لحلم التنوع البشري الخلاّق, وسعياً إلى تتميم ما لم يقل فيه السابقون على مجرى عادة اللسان وسنة الزمان وخصوصية المكان .

    ولد الجاحظ بمدينة البصرة, موطن المعتزلة, حوالي سنة 150 هـ (=767م). وأفاد من انفتاح علمائها على معارف الدنيا القديمة التي أصبحت ميسورة لأمثاله باللسان العربي. وأكسبه نهمه المعرفي المذهل صفة الموسوعية التي دفعته إلى الكتابة في كل مجال, كما لو كان حريصاً على أن يستحضر في كتبه ورسائله كل ما في الدنيا حوله, وكما لو كان يريد لكتاباته المتنوعة إلى درجة غير مسبوقة أن تكون مرايا متغايرة الخواص, ينعكس عليها التعدد اللانهائي لحضور الإنسان في الكون, ذلك الحضور الذي يجعل من الإنسان العالم الأصغر الذي ينطوي على العالم الأكبر. هكذا, كتب عن معنى التوحيد والعدل وحجج النبوة ونظم القرآن, كما كتب عن النخل والزرع والمعادن وأنواع الحيوان, وعن تعدد الأجناس الموجود في زمنه وتعدد اتجاهات الفكر وعن الحرف والطوائف وعن العوائد والأخلاق والملامح النفسية للنماذج والأنماط البشرية, فكتب عن الحب والعشق, الكره والحسد, الجد والهزل, المعاد والمعاش, فضلا عن محبة الأوطان. ولم تفُتْه الكتابة عن النبيذ أو رواية الُملَح والنوادر بلهجاتها, واصلاً ما كتبه عن الغلمان بما كتبه عن البخلاء, غير مفلتٍ حتى لصوص الليل ولصوص النهار, بل البرصان والعرجان والعميان, من مرايا رسائله وكتاباته التي انعكس عليها كل شيء في زمنه .

    ولذلك تعددت الصفات الفنية لكتابة الجاحظ التي تجاورت فيها المتعارضات, فجمعت ما بين الإيجاز والإطناب, لحن العامة وفصاحة الخاصة, التوفر على الموضوع الواحد والاستطراد, الاستنباط والاستشهاد, القياس المنطقي والانطباع الذاتي, الرصانة الجهمة والسخرية التهكمية, الرواية والمعاينة, السرد والحكاية, التجريد والتصوير الحسي. وكانت هذه الصفات, في اختلافها وتعارض لوازمها, نتيجة طبيعية للآفاق الموسوعية الرحيبة التي انطلقت منها كتابة الجاحظ, سواء في تعدد أدوارها الفكرية والاجتماعية والسياسية, أو تعدد جوانبها الإبداعية التي اتسعت بحدقتيّ عينيه الجاحظتين اللتين لم تتوقفا عن التحديق في علاقات عصره المتشابكة إلى أن تُوفي في شهر المحرم سنة 255 هـ ( 868 - 869 ميلادية) تاركا تراثه العظيم الذي نقدم أقل القليل مه في هذا العمل . ( 2 )


    عدل سابقا من قبل علي السلاطنة في السبت فبراير 21, 2009 5:29 pm عدل 2 مرات
    علي السلاطنة
    علي السلاطنة


    ذكر
    عدد الرسائل : 38
    العمر : 37
    الموقع : نعيم / المنامة
    العمل/الترفيه : طالب تاريخ
    المزاج : متشائم
    تاريخ التسجيل : 14/02/2009

    الجاحظ عمرو بن بحر Empty رد: الجاحظ عمرو بن بحر

    مُساهمة من طرف علي السلاطنة السبت فبراير 21, 2009 5:08 pm

    ثقافة الجاحظ و منزلته الأدبية


    الجاحظ إمام البيان , و أستاذ الأدب , و ليس من المبالغة أن نقول إنه سيد كتاب العربية بلا منازع , و شيخ أدباء العرب بلا مدافع , و يشهد على ذلك شهرته الأدبية التي ـ كانت و ما تزال ـ تدوي في كل أفق و تصل إلى كل قطر , و تسير على كل شفة , و يرن صداها على سمع كل كاتب و شاعر و أديب .

    كان الجاحظ ذا ثقافة واسعة جداً جعلت منه دائرة معارف حية . و لا غرابة في الأمر لأنه قد وعى في صدره جميع معارف عصره في الأدب و العلم و الفلسفة . و كان بالإضافة إلى ذلك يملك مواهب عقلية و أدبية قل أن تجتمع في رجل غيره . و هذه المواهب أهلته لاحتلال هذا المنصب و لهضم تلك العلوم و الثقافات . و كان ميالاً بطبعه إلى الدراسة و البحث و التأليف و التحري , يجد في ذلك متعته و لذته الكبرى .

    و كانت مصادر ثقافة الجاحظ كثيرة : منها ما طالعه من كتب العرب و اليونان و الفرس و الهنود و غيرهم . فقد اتصل الجاحظ باليونان و ثقافتهم من كتبهم المترجمة , و عن طريق المتكلمين و مجالسته لكثير من المثقفين باليونانية , و تأثر بخطابة أرسطو إلى حد بعيد .

    و لم يكن الجاحظ متأثراًَ بالفلسفة اليونانية فحسب , بل كان عقله الجبار ينتقد بعض الآراء اليونانية و ينتقد التراجمة . و كان ملماً بالثقافة الفارسية المترجمة إلماماً واسعاً .

    أما أساتذة الجاحظ فهم عرب (( المربد )) الخلص الذين كان يسمع أقوالهم و يأخذ اللغة الصحيحة مشافهة عنهم حيث كان المربد ملتقى الخطباء و الشعراء و الرواد و النسابين و الرجاز و أرباب البلاغة من مختلف القبائل و متباعد الأحياء , يعرضون فيه نتاج قرائحهم و ثمرات بلاغتهم من الوان البيان و أصناف التفكير .

    كما تلقى الجاحظ علومه و معارفه عن شيوخه المصريين و عن أكابر علمائها . و صفوة أهل الفضل من رجالاتها . و ممن أخذ عنهم علومه و تلقى معارفه : أبو عبيدة معمر بن المثنى , و الأصمعي و أبو زيد الأنصاري , و أبو الحسن الأخفش , و كان صديقه .

    و لا يخفى أن الجاحظ كان من أصحاب النظام المعتزلي الذي تأثر إلى حد بعيد بالعلوم المترجمة و المناحي الفلسفية , فدفع هذا التيار الجارف المعتزلة إلى مواطن شتى من نواحي الحجاج و الجدل و المنازعات الكلامية . و هذا بدوره أثر على الفن الأدبي , كما كان فضله عظيماً في نشأة البلاغة العربية و تطورها و اتخاذها صورة علمية .

    عرف الجاحظ الادب بأنه البيان , و البيان هو الوضوح , و الوضوح يعني قرب اللفظ و سلامته . و كان يرى بأن الأدب يجب أن يلتزم بالنظم الأخلاقية و يواكب التطورات السياسية.

    حين تقرأ في كتب الجاحظ تجد ثقافة واسعة , و ذوقاً سليماً , و إحاطة تامة البيان و البلاغة و صنوف القول , تطل عليك من وراء ذلك كله شخصية الرجل واضحة المعالم بينة الأثر و المكانة , توجه بسحرها و قوتها و ثقافتها عقل القارئ , و فكره و شعوره , و تنقله إلى أجوائها , حتى يكاد يغيب في جوها البعيد , و حتى يكاد ينسى أمامها نفسه , و حتى يكاد يشعر أنه نقل من جوه إلى جو آخر تشيع فيه روح قوية ساحرة تملك العقل و العاطفة و تلعب بالنفس و المشاعر , و تروع بأدبها و كثرة حفظها و ثقافتها و روايتها . ( 3 )



    الجاحظ و كتابه البخلاء


    خلف لنا الجاحظ مؤلفات كثيرة و متنوعة مابين كتب و رسائل , فقد خرج عن زهاء ثلاثمائة و ستين مؤلفاً في ألوان شتى من المعرفة , رأى أكثرها في مشهد أبي حنيفة النعمان ببغداد سبط ابن الجوزي المتوفى سنة 654هـ . و قد عدد ياقوت الحموي في معجمه كتبه و رسائله فأثبت منها مئة و ثمانية و عشرين مصنفاً . و مهما يكن الأمر , فالجاحظ يعتبر في الرعيل الأول من مؤلفي عصره و كتابه .

    لقد صنع الجاحظ هذه الكتب , ولكنه يختلف عن غيره من المؤلفين اختلافاً غير يسير . فلم يكن همه الجمع و الرواية و الأخبار , و إنما كان يعمل جهده ليبدع و يبتكر و يطرف و يخلق للناس بديعاً . فتراه في كتاباته يمزج الجد بالهزل , و يشيع النادرة و الفكاهة في حديثه و كلامه . لذلك جمع قلوب القارئين حوله , و استولى منهم بفنه على شتى ميولهم فصبوا إليه و أغرموا به , و طرق الجاحظ في كتاباته أبواباً عجيبة , و تقرب إلى العامة و حرص أشد الحرص على استرضائهم , و لم ينس في ذلك أن يستميل إعجاب الخاصة في المعارف العالية و السياسات الرفيعة . ( 4 )

    و كتاب البخلاء , و هو كتاب أدب و علم و فكاهة . و هو من أنفس الكتب التي يتنافس فيها الأدباء و المؤرخون . فلا نعرف كتاباً يفوق كتاب الجاحظ , ظهرت فيه روحه الخفيفة تهز الأرواح , و تجتذب النفوس . و لا نعرف كتاباً يفوقه للجاحظ تجلى فيه اسلوبه الفياض , و بيانه الجزل الرصين , و قدرته النادرة , على صياغة النادرة , في أوضح بيان , و أدق تعبير و أبرع وصف . و لا نعرف كتاباً غيره للجاحظ أو لغيره , وصف الحياة الإجتماعية في صدر الدولة العباسية كما وصف : فقد أطلعنا على أسرار الاسر , و دخائل المنازل , و أسمعنا حديث القوم في شؤونهم الخاصة و العامة , و كشف لنا عن كثير من عاداتهم و صفاتهم و أحوالهم .

    و قد كان الذي يغلب على الظن أن يكون الجاحظ قد كتب ( كتاب البخلاء ) و هو في سن الشباب , و إبان الفتوة ؛ لأن هذه السن في الغالب سن العبث و السخرية , و التندر و الدعابة , و التفكه بعيوب الناس . و لكنا نقرأ في كتاب البخلاء من الأخبار ما يحملنا على أنه كتب الكتاب أو جمعه و هو هرم , يحمل فوق كتفيه أعباء السنين . ( 5 )
    و نحن إذا حاولنا تقديم كتاب البخلاء و تعريفه , نلخص ذلك بما وصفه به مؤلفه من أنه كتاب في (( نوادر البخلاء و احتجاج الأشحاء و ما يجوز من ذلك في باب الهزل , و ما يجوز في باب الجد )) , فهو يسوق احاديث على لسان من عرفوا بالبخل و اشتهروا به من معاصريه , و هو مرة يصف و مرة يدافع و مرة يحتج و أخرى يجد و يهزل و يسخر كل ذلك باسلوبه و طريقته التي آثرها و التي رمى من ورائها استهواء القراء و الحرص على كسب رغبتهم و ارضائهم .

    و قد نعت الدكتور طه حسين كتاب البخلاء فقال : (( هو من أجود الكتب و يحق للغة العربية أن تفاخر به . هذا الكتاب جمع فيه الجاحظ أخباراً تتصل بالبخلاء الذين في عصره . تناول فيه المتكلمين و المعتزلة , و قص من أخبارهم في البخل أشياء كثيرة . و قيمة هذا الكتاب لا أدري أهي في الجمال اللفظي و إستقامة المعنى . أم في خصب المعاني ؟ أم في التصوير الدقيق الذي لا يقاس غليه تصوير , تصوير حياة البصرة و بغداد في عصر الجاحظ )) . (6)


    في الختام


    لم يكن ما تناولناه في هذا البحث سوى جاحظ مزيف أو مغشوش , فالجاحظ الحقيقي أعظم بكثير من هذا الذي تناولناه في هذه الوريقات , و لم يكن التزييف بقصد غش القارئ أو خداعه , و لكن هي محاولة لرسم صورة مبسطة للجاحظ الحقيقي , لكي يتسنى للجميع التقرب منه و التعرف عليه بتوسع .
    أتمنى أن اكون قد وفقت في عرض هذه الصورة , و أن تكون هذه الصورة المزيفة معبرة بصدق عن الجاحظ الحقيقي .



    المراجع


    1.موقع صخر الإليكتروني
    2.موقع صخر الإليكتروني
    3.البخلاء / طبعة دار المدى 2003 , ص 19ـ 25 ( بتصرف )
    4.البخلاء / طبعة دار المدى ص 27
    5.البخلاء / طبعة الدار العالمية 1993 ص 6
    6.البخلاء / طبعة دار المدى ص 28
    عَبق
    عَبق


    انثى
    عدد الرسائل : 46
    العمر : 34
    تاريخ التسجيل : 16/02/2009

    الجاحظ عمرو بن بحر Empty رد: الجاحظ عمرو بن بحر

    مُساهمة من طرف عَبق الإثنين مارس 09, 2009 1:30 pm

    ملك النثر العربي نابغة في الأدب وفنون الكلام ..

    ومن لا يعرفه هو الجاحظ ..

    تقرير ممتاز , شكراً لك اخ علي

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 11:12 pm