مـــن ،،، المنتصر ؟؟ ،،،
في وقت تقفل الشمس غائبة وتنسحب بضيائها نحو الغرب،،،
وتتسلل خيوط الظلام باسطة جنحها أرجاء السماء،،،
وتغزو بجيشها الجرار زرقة السماء وصفاء البحر فتلتهب المعركة لتعلوا حمرة النيران الناشبة بينهما،،،
فتسكن صورة النيران المشتعلة احمرارا في أفئدتنا تاركة ذكرى وأثرا لن يمحى،،،
وينتصر الظلام ،، ويتبدد الضياء خلف الأفق ،،، وترحل الشمس ولكن على أمل أن تعود مرة أخرى ،،،
على أمل أن تملأ الدنيا بضيائها ،،، وتغرق الكون في بحر بهجتها ،،،
تتوالى الساعات ،،، ويطول الليل ،،، تسودّ السماء ويشتد الظلام ،،، وتظهر النجوم في صدر الظلام محاولة أن تضيء الدجى بنورها الخافت ،،، تحاول جهدها لتؤنس القمر الذي يظل واقف بلا حراك وحيداً في كبد السماء يدل المارة على الطريق الصحيح ،،، ويحرس العشاق في ليلهم الطويل ،،، يبكي مع الخاشعين ويذرف الدموع على المشتاقين ،،، ويسبح باسم الله الرحمن الرحيم ،،،
تحت جنح الظلام يستميت الوالهون بالمعاصي فرصتهم ،،، فيرتكبونها بلا استحياء ،،، يتمايل القمر في استحياء متعففا من أن يرى مشاهد عارية كهذه ،،،
بسخرية ينظرون إليه ،، والخمر يتقاطر من أفواههم لا يدرون ما يقولون ،، يتمتمون بوعودهم التي لا منتهى لها،،، " اليوم خمر وغداً أمر"،،،
يتعجب القمر ،،، ما يقول هؤلاء إلا ضرب من ضروب اللعب فهم كمن سبقهم معرضين ،،،
يتراكضون وراء لذاتهم المادية متجاهلين اللذة الروحية ،،،
تعسا لهم ولأفكارهم ،،،
شتان بينهم وبين ذلك العشيق الذي يتفرد زاوية في هذا الليل يستأنس بعشيقه الأوحد ،،،
يناديه بكل جوارحه ،،،
"وقد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، معتذراً نادماً، منكسراً مستقيلا، مستغفراً منيباً، مقراً مذعناً معترفاً، لا أجد مفرّاً ممّا كان منّي، ولا مفزعاً أتوجّه إليه في أمري، غير قبولك عذري"
هيهات أن يخيب سعيه ،،، بل هيهات أن يموت فؤاده ،،،
هذا روحه حية وقلبه نابض بذكر الله ،،،
(( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ))
يتعب القمر شيئا فشيئا ،،، ويتوارى نوره خلف جنح الفجر ،،،
يتعالى صوت عذب من وراء منارة ،،،
ينادي في الناس ،،،
الله أكبر ،،، الله أكبر ،،،
الله أكبر ها قد جاء أمر الله ،،، ها قد آن للأمل أن يفي بوعده ،،،
كانت الشمس قد وعدتنا بالعودة ،،، وها هي ذي تعلن وقت تنفيذها لوعدها ،،،
يركع الراكعون ويسجد الساجدون ويتعالى دعاء الداعون وتتهاوى دموع المناجون ،،،
فيستمد الفجر قوته ،،، ويبسط أياديه على السماء طاردا الليل والظلام المرير ،،،
يسدل بألوانه الحية أستار الظلام ،،،
فتستيقظ العيون النائمة ،،، مصافحة أشعة الفجر ،،،
وينتشر الورى تحية لهذا الفجر واحتفالا بالنصر المؤزر ،،،
ينطلق الجميع نحو أعماله ،،، وقد أحيا ضياء الفجر وشمس الصباح حياتهم مرة أخرى ،،،
تعود الطيور لتتلاعب على الأشجار وتغرد بأصواتها العذبة ،،،
وترفرف النوارس على الشاطئ ،،،
وتزهر الحياة وتصبغ بألوان النصر والبهجة ،،،
.
.
.
هكذا تتعاقب المعارك بين الليل والنهار ،،،
يغيب النهار على أمل العودة ،،،
ويغيب الليل ويختفي متوعدا بالنصر المؤزر ،،،
يا ترى من سينتصر في النهاية ،،،
هل هو الظلام ؟؟ أم أنه النهار ؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم ،،،
(( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ))
صدق الله العلي العظيم ،،،
ملاحظة :: أنا لم أقصد كتابة خاطرة أو ما شابه ولكني قصدت التأمل في الآية بقدر ما يصل إليه بصري ،،،